مخاطر جسيمة لتناول الأدوية دون استشارة الطبيب
يتجنب نسبة من المرضى الذهاب إلى المستشفيات أو العيادات الطبية لتجنب الانتظار الطويل، واللجوء إلى الصيدلي كبديل للحصول على الدواء مباشرة دون وصفة طبية، مما يوفر الوقت والمال، وتجنب التكاليف المرتفعة في بعض الأحيان.
انها مجرد بضع دقائق في الصيدلية، حتى يأتي المريض مع كيس دواء يناسب إمكاناته المادية، بدلاً من البقاء لساعات بين أروقة المستشفى، معتقدا أن حالته الصحية قد تتحسن بمجرد أن يتناول الدواء، وبعضهم يعتمدون على خبرات شخصية في تحديد نوع المرض وتشخيصه، ووصف العلاج المناسب، متجاهلين بذلك اللجوء إلى الطبيب المؤهل لتشخيص حالته المرضية، ووصف العلاج المناسب.
غالبًا ما يذهب أحدكم إلى الصيدلية للحصول على دواء كان قد تم وصفه لأخيه أو صديقه أو جاره، قد أدى هذا الدواء إلى شفاء ذلك الصديق أو القريب من مرضه لمجرد ظهور أعراض مشابهة لتلك التي تم علاجها من قبل ذلك الدواء المقصود، هذا السلوك هو أحد أكبر الأخطاء في التعامل مع الدواء ويمكن أن يلحق ضررا كبيرا بمن يتداوى بهذه الطريقة، لأنه ليس بالضرورة أن الأعراض المماثلة التي يعاني منها أحدنا، تعني أنه يعاني من نفس المرض، حيث أن هناك العديد من الأمراض تتشابه أعراضها لدرجة التطابق، ولا يميزها إلا الطبيب المختص، بالإضافة إلى كل ذلك أنه حتى لو تطابق المرض، فليس من الضروري أن يصف الطبيب نفس الدواء لنفس المرض.
يختلف نوع الدواء الموصوف لنفس المرض من مريض لآخر، وتختلف جرعته وفقًا للعمر، الوزن، الحالة الصحية، وظيفة الأعضاء والعديد من العوامل الأخرى التي تقع على مسؤولية الطبيب التحقق منها بالفحوصات المخبرية أو صور الأشعة وما إلى ذلك، وفق ما تتطلبه كل حالة على حدة وبعد فحص حالة المريض.
على سبيل المثال، إذا كان لدينا مريضان يعانيان من نفس المرض ولهما نفس العمر والوزن، نجد أنه يمكن وصف دواء مختلف عن الآخر لكل منهما والسبب في ذلك هو أن أحد المرضى، بالإضافة إلى مرضه، يعاني من ضعف في قدرة الجهاز البولي والكلى، بينما لا يعاني الآخر من هذا الضعف. يختار الطبيب دواءً يتخلص منه الكبد، مثلاً للمريض الأول، لتجنب الآثار الضارة إذا تناول الدواء الذي يتم طرحه من خلال البول، بينما يختار الدواء الذي يتم طرحه من خلال بول للمريض الثاني الذي لن يعاني في التخلص منه. ومن ومعلوم أن تراكم الدواء في الجسم يسبب في ضرر كبير وقاتل.
مثال أخر، إذا كان لدينا مريضان يعانيان من داء السكري، يمكن أن نجد الجرعة الموصوفة للمريض الأول أقل من تلك الموصوفة للمريض الثاني لنفس المرض لأن شدة المرض تختلف، فلا يمكننا علاج مريض السكري الذي تعطي نتيجة تحاليل سكر دمه 1,5 غرام / لتر ذلك الذي تظهر نتيجته تحاليل سكر دمه 2,2 غرام / لتر بنفس الجرعة، هذا إذا اختار الطبيب نفس الدواء لأنه يمكنه ببساطة اختيار دواء آخر، كما تختلف جرعة المريض الذي يزن 50 كيلوجراماً عن المريض الذي يزن 90 كيلوجرام.
وثمة مسألة أخرى بالغة الأهمية هي الفترة الزمنية المحددة للعلاج، والتي يجب أن تكون أمرا يجب الوفاء به للحصول على الشفاء وهي شرط أساسي في العلاج، لا تكتمل إلا به وإلا تصبح جميع الجهود المبذولة البحث عن الشفاء من الفحص عند الطبيب والفحوصات المخبرية وشراء الدواء لا معنى لها، إذا قطع المريض الدواء الموصوف له أو أخذ بعض من الدواء وتوقف عن استكماله بحجة أنه أصبح بصحة جيدة أو أي حجة أخرى.
كل دواء لديه فترة زمنية تم التوصل إليها وتحديدها بعد دراسات علمية دقيقة وتجارب واسعة وجهود العلماء ، لسنوات عديدة ،من إيجاد الدواء المعين وحددوا طريقة استعماله، ومدة استخدامه وآثاره الجانبية، الكبيرة والصغيرة على حد سواء قبل الكشف عن الدواء ومقاومته للمرض ويصبح عدم الالتزام بطريقة استخدامه ومدة جرعته الكاملة عبثية وغير مسؤولة و مضيعة للجهود التي بذلها هؤلاء العلماء ولجهود المنظومة الصحية بأكملها من طبيب يشخص المرض ومختبر يقوم بفحوصات وصيدلي يوفر الدواء ان عدم الالتزام بوصفة الطبيب سيؤدي إلى عدم شفاء المريض ، وحتى في حالات تحسن الحالة غالباً يكون ذلك التحسن مؤقتاً وعادةً ما ينتكس المريض بشكل أسوء من حالته المرضية الأولى.
يؤدي عدم استعمال المضادات الحيوية بالشكل الصحيح والآمن الى ظهور بكتيريا مقاومة ولا تتأثر بالمضاد الحيوي فتبدأ بالتكاثر متسببة في إطالة مدة المرض فتؤدي في نهاية المطاف إلى الوفاة. ونتيجة لذلك، تصبح الأدوية من دون فعالية في مواجهة البكتيريا مما يعني استمرار حالة العدوى وزيادة خطر انتقالها إلى أشخاص آخرين، ناهيك عن كون بعض الأمراض لن يعود بالإمكان معالجتها بكيفية سهلة كما في السابق مما يعني مزيد من التكاليف والرعاية والعلاج واللجوء إلى مضادات حيوية أخرى يمكن أن تتسبب في مضاعفات جانبية حادة. كل ذلك بسبب الجرعات الغير مكتملة وقطع العلاج لمجرد التحسن وعدم احترام الوصفات الطبية.
خطأ آخر في هذا السياق هو أن بعض الناس يستخدمون الدواء بطريقة تناسبهم وليس كما تم وصفه لهم، لذلك تجد أن المرض وصفه له الدواء كل ست ساعات مرتين في اليوم لمدة ستة أيام، تجده يتناول الدواء أحيانا في الصباح وأحيانا في المساء أو لا يستعمله في يوم ليعود لاستعماله في اليوم التالي أو يقوم بمضاعفة الجرعة ظناً منه أن ذلك يمكن أن يُسرِّع من العلاج، هذه الطريقة العشوائية في التعامل مع الدواء يمكن أن تؤدي إلى عدم الشفاء، بالإضافة إلى تراكم الآثار الجانبية للدواء وتضر بصحة المريض بدلاً من شفائه.
لكل دواء استعمالاته السليمة ووقت ومدة استعماله وجرعته المعينة التي يصفها الطبيب المختص وتوضح كل جوانبها إرشادات الصيدلي التي يجب الالتزام بها حتى يمكن شفاء الجميع.
تعليقات: 0
إرسال تعليق